کد مطلب:167935 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:201

حدود مهمة مسلم بن عقیل
من هنا كانت مهمّة مسلم علیه السلام هی تعبئة وتنظیم وإعداد القوّة الموالیة لاهل


البیت (ع) والمعارضة للحكم الامویّ فی الكوفة، والوصول بها إلی المستوی الكافی للقیام بكلّ ما تقتضیه متطلبّات ومسؤولیات النهضة مع الامام الحسین علیه السلام.

ولاشكّ أنّ الوصول بهذه الحركة والقوّة إلی ذلك المستوی المنشود یحتاج إلی وقت كافٍ تُسدُّ فیه كلّ الثغرات وتستكمل فیه كل النواقص الروحیة والعملیة، لانّ الغایة لم تكن إسقاط الحكومة المحلیّة فی الكوفة فحسب، بل الغایة فی الاصل هو إعداد الكوفة روحیاً وعملیاً من جدید كمركز لمواجهة میدانیة فاصلة مع جیش الشام.

وكان الاصل فی مهمّة مسلم بن عقیل علیه السلام هو مواصلة تعبئة وتنظیم وإعداد الحركة الثوریة حتی یأتی الامام الحسین علیه السلام الی الكوفة، فیواصل من موقعه الذی لایرقی إلیه موقع فی القلوب قیادة النهضة علی طریق تحقیق كامل أهدافها، والمتأمّل فی ما كتبه مسلم بن عقیل علیه السلام من الكوفة إلی الامام علیه السلام، وفی أسلوبه وطریقته فی التعامل مع الاحداث سواء فی أیام النعمان أو ابن زیاد یلحظ هذا الاصل واضحاً جلیّاً لاریب فیه.

لقد كان مسلم علیه السلام یتحاشی المواجهة المیدانیة الفاصلة مع الحكومة الامویة المحلیّة فی الكوفة ما كان ذلك باختیاره، حتی یستكمل الاعداد والتحضیر من كلّ جهة لمهمّته التی أرسله من أجلها الامام علیه السلام الی الكوفة، وكانت الحكومة المحلیّة فی الكوفة من جهتها أیضاً تتحاشی المواجهة المیدانیة الفاصلة مع التكتل الثوری لانها لم تكن تملك القدرة علی ذلك إلاّ إذا جاءتها النجدة من الشام.

والمتأمّل فی أسلوب وطریقة تعامل عبیداللّه بن زیاد مع حركة الاحداث فی الكوفة یلحظ بوضوح أنّ هذا الطاغیة علی ضوء معرفته ومعرفة أبیه العریقة


بالوضع السیاسی والاجتماعی والنفسی فی الكوفة، وبرجالها وقبائلها كان یسعی بدهائه وخبثه وغدره إلی أن یخرج من أزمتها برغم صعوبتها منتصراً دون الحاجة إلی الاستنجاد بجیش ‍ الشام، طمعاً فی تقویة موقعه الاداری ومركزه القیادی عند یزید بن معاویة.

وهكذا كان، فقد لجاء إلی حیلة اختراق الحركة من داخلها بواسطة أحد جواسیسه المحترفین المهرة، ثمَّ تواطاء مع عمرو بن الحجاج الزبیدی وغیره من الوجهاء الخونة [1] لاعتقال هانی (رض) ثمّ لامتطاء موجة غضب مذحج الزاحفة نحو القصر، ثمّ لصرفها عنه وتفریق جموعها، ثمّ للوصول بعد ذلك الی المطلوب الاساس وهو اعتقال مسلم علیه السلام.


[1] لايبعد أن يكون لمحمد بن الاشعث الكندي وهو أحد رسله إلي هاني (رض) علمٌ بأنه يريد اعتقاله وقتله: (وزعموا أنّ أسماء لم يعلم في أيّ شيء بعث إليه عبيداللّه، فأمّا محمّد فقد علم به!..) (تاريخ الطبري، 3:284)، كمالايبعد أن يكون لكثير بن شهاب الحارثي المذحجي المتفاني في نصرة ابن زياد دور كبير في مساعدة عمرو بن الحجّاج علي تفريق جموع مذحج عن القصر، لانّ من المستبعد أن يغيب مثل هذا الوجيه الخائن عن مثل هذا الحدث وهو من وجهاء مذحج.